ما هو العمل الحر والعمل عبر الإنترنت؟
على الرغم من أن عبارات العمل الحر والعمل عبر الإنترنت باتت تمتلك صيتاً سيئاً لدى البعض نتيجة إساءة استخدامها كعبارة طنانة لجذب البعض، فالواقع هو أن هذا المجال من العمل حقيقي تماماً، وحتى أنه واحد من أسرع قطاعات العمل نمواً في العالم مع ملايين الأشخاص الذين ينتقلون لتبنيه كل عام حول العالم.
في هذا المقال سنشرح لك ما هو معنى العمل الحر، وهل هناك اختلاف حقاً بين عبارتي العمل الحر والعمل عبر الإنترنت؟ وبالطبع سنتناول ميزات وعيوب العمل الحر عموماً ولماذا قد ترغب بتجربته أو ربما اتباعه بشكل أساسي في حياتك المهنية.
ماذا يعني العمل الحر؟
يعرف العمل الحر بكونه وعلى عكس العمل التقليدي يمنح حرية أكبر بكثير للعامل، فبدلاً من أن تكون موظفاً ملتزماً بتوقيتات عمل محددة ضمن بيئة صارمة، يقدم لك العمل الحر خيار أن تكون مستقلاً تدير نفسك بنفسك وتعمل وفق الوقت الذي تحدده أنت بحرية كبيرة في توزيع إتمام المهام. وبدلاً من العمل المستمر لأهداف قد تكون أكبر من أن يتم شرحها لك، ففي العمل الحر أنت تنجز مشاريع منفصلة ومستقلة.
الميزة الأساسية التي تفرق بين العمل الحر والعمل التقليدي هي علاقة العامل بصاحب العمل، فبدلاً من أن تكون عضواً في مؤسسة أو شركة ما لفترة ممتدة من الزمن، فأنت تتعامل مع الزبائن بشكل مباشر مع التخلي عن وجود شركة أو مؤسسة كوسيط، وبالنتيجة يمكنك في الواقع قبول الزبائن متى أردت وتنظيم وقتك بالطريقة التي تريدها وحتى أخذ الإجازات أو العطل بحرية أكبر.
في العمل الحر أنت لا تحتاج للذهاب إلى مقر الشركة كل يوم صباحاً ولأن تجلس على مكتب لساعات ممتدة قبل أن تعود إلى منزلك، بل يمكنك أن تنفذ العمل كما تحب، وفي الكثير من الحالات يمكنك العمل من منزلك بالكامل مع حرية شبه مطلقة على تنظيم الوقت.
من حيث المبدأ يمكن القول عن معظم الحرف الفردية (التي لا تحتاج لأكثر من عامل واحد) أنها في الواقع عمل حر كونها تعتمد على زبائن متعددين ومختلفين عادة كما أنها تعتمد كمية العمل المنجز بدلاً من وقت العمل كمعيار للمردود المادي، لكن في دليلنا هذا فنحن نركز على الاستخدام الأكبر لعبارة العمل الحر بربطها بأنواع الأعمال الناشئة والحديثة وليس الأعمال التقليدية فحسب.
ما هو الفرق بين العمل الحر والعمل عبر الإنترنت؟
واحدة من أكبر المفاهيم الخاطئة انتشاراً هي الخلط بين فكرتي العمل الحر والعمل عبر الإنترنت، حيث أن معظم الأشخاص يعاملون المصطلحين وكأنهما يحملان نفس المعنى كون العمل الحر اليوم يرتبط بشدة بالإنترنت في معظم قطاعاته، لكن في الواقع هناك فرق بين المصطلحين ولو أن هناك ما هو متشابه أكثر مما هو مختلف.
من حيث المبدأ فأي عمل يتم باستخدام الإنترنت كوسيط للتمكن من العمل عن بعد هو “عمل عبر الإنترنت”، وهنا من المهم التنويه إلى كون بعض أنواع العمل على الإنترنت هي أعمال تقليدية ذات دوام كامل أو جزئي في الواقع، لكن إن بحثت بالأمر ستجد أن النسبة الأكبر من العمل المتاح عبر الإنترنت هو في الواقع عمل حر.
في الوقت الحالي ستجد أن نسبة كبيرة من العمل الحر المتاح هو في الواقع عمل عبر الإنترنت، وبالمقابل ستجد أن معظم المتاح على الإنترنت من أعمال هو عمل حر في الواقع. لذا وفي الكثير من الحالات يمكن أن يكون العمل حراً وعلى الإنترنت كذلك، لكن ليس كل عمل حر على الإنترنت وليس كل عمل على الإنترنت حراً.
لماذا قد تريد الانتقال إلى العمل الحر؟
بالطبع هناك الكثير من الأشخاص المندفعين بشكل كبير نحو العمل الحر اليوم، لكن ماذا لو كنت تريد حساب خياراتك بشكل متوازن أكثر، لماذا قد تريد الانتقال إلى نموذج عمل أقل استقراراً؟
ساعات العمل المرنة
لا تستمع لأي كلام يخدعك بالقول بأن العمل الحر يعني ساعات عمل أقل، فالواقع معاكس وفي الكثير من الحالات ستجد نفسك تعمل لساعات أطول من العمل التقليدي وحتى في أيام العطلة. لكن وعلى الرغم من أنك لن تعمل أقل، فمن الممكن أن تنظم عملك بشكل أفضل بكثير بحيث تتخلص من المصاعب التقليدية.
إن كنت تعاني من الاستيقاظ مبكراً فأنت لست مرغماً على ذلك في العمل الحر، وإن كنت تريد أخذ العديد من الاستراحات القصيرة وتقسيم العمل على كامل اليوم بدلاً من شطر منه فقط فلا أحد سيمنعك من ذلك. والأهم ربما هنا هو أنك تستطيع العمل بحيث لا يتضارب عملك مع مخططاتك الثانية، فيمكنك العمل في وقت الفراغ بعد العودة من الجامعة أو إنهاء العمل التقليدي، أو حتى يمكنك العمل في الوقت الذي لا تحتاج فيه للعناية بأطفالك، أنت ببساطة تصنع ساعاتك.
بالنسبة للوقت، غالباً أجور العمل الحر أكبر
قد يبدو الأمر غريباً للبعض كون نسبة كبيرة ممن يبدأون بالعمل الحر يتخلون عن الفكرة بسبب كون العائد المادي صغيراً، لكن الواقع هو أن العمل الحر عادة ما يتضمن عائداً مالياً أكبر بالنسبة للوقت المصروف على العمل وهنا النقطة المهمة، فإن كنت تعمل لبضعة ساعات أسبوعياً فقط فأنت لن تجد مردوداً يغطي مردود عمل تقليدي يحتل 40 ساعة من كل أسبوع تعمله.
العامل الأساسي في كون العمل الحر أفضل ربحاً بالنسبة للوقت هو غياب الوسيط ببساطة، فبدلاً من أن تعمل لدى شركة هي من تتعامل مع الزبائن، فأنت تتعامل مع الزبائن مباشرة، والحصة الكبيرة التي عادة ما تذهب للشركة والوسطاء تأتي إليك مباشرة كعامل حر. بالطبع هذا المال الإضافي آت من مسؤوليات إضافية (مثل التعامل مع الزبائن والتفاوض معهم)، لكنه يبقى مربحاً مغرياً للكثيرين.
القدرة على إظهار التميز والاستفادة منه
في حال كنت مميزاً للغاية وذا قدرات أفضل من البقية فهذا الأمر مفيد بالطبع في العمل التقليدي، لكن في الكثير من الأحيان ستجد نفسك عالقاً ضمن قائمة من المهام وجدول زمني محدد، وهنا لا يهم مقدار سرعتك أو أداءك، فحتى لو أنهيت العمل في نصف المدة فالنصف الآخر موجود وأنت مرغم على البقاء ضمن العمل خلاله، والنتيجة هنا هي الإحباط في الكثير من الحالات.
بالمقابل وفي العمل الحر الأمر أفضل بكثير من هذه الناحية، فالعلاقة بين قدراتك ومردودك مباشرة، وكلما كنت أفضل في عملك كلما تمنت من إنجاز المهام أسرع وبشكل أفضل، وهنا أنت لست مرغماً على قضاء ساعتين إضافيتين من الملل خلف مكتبك، بل يمكنك صرف الوقت على المهمة التالية أو حتى أخذ استراحة أطول والاسترخاء قليلاً فقط.
بالطبع فالعمل الحر سلاح ذو حدين هنا، ففي حال كنت دون المتوسط ستجد نفسك تعمل لوقت أطول وبجهد أكبر لتحصل على نفس ما يحصل عليه شخص آخر مقابل جهد أقل بكثير، لكن إن كنت موهوباً حقاً وجيداً بشكل موضوعي فالعمل الحر مثالي لتستفيد من موهبتك بعيداً عن الإحباط الناتج عن سجن قدرات الموظف في نطاق ضيق في الشركات.
فرص تطوير الذات وتحسين المهارات متاحة أكثر
واحدة من الأمور الأكثر أهمية في مجال العمل الحر والعمل عبر الإنترنت هي الإمكانية الأكبر لتطوير الذات وعلم المزيد، فعلى عكس العمل التقليدي الذي كثيراً ما يتضمن مهاماً روتينية وثابتة لا تتغير طوال سنوات وسنوات من العمل، فالمهام تختلف بشكل واضح من مهمة لأخرى في العمل الحر، ومع أن التغييرات نفسها عادة ما تكون صغيرة فهي مهمة للغاية.
مع كل تغيير صغير على نوع المهام المطلوبة هناك دائماً فرصة للتعلم، ومع الوقت من الممكن لهذه التغيرات الصغيرة أن تتراكم معاً لتجعل ممارس العمل الحر أكثر مرونة في مجالات أخرى أو حتى قادراً على العمل في مجال آخر تماماً بفضل الخبرات الصغيرة التي جمعها من التغيرات الجزئية في المشاريع التي ينفذها.
بالطبع فهذا لا يعني أنك لا تمتلك فرصاً للتقدم والتعلم في العمل التقليدي، لكن ببساطة هناك عدد أكبر من الفرص المتاحة في العمل الحر حيث الحرية أكبر لتظهر إبداع وقدرتك على التعلم والتأقلم.