هل تساءلت يومًا عن أسماء المدن؟ ولماذا تغيرها بعض الدول؟
فيما يلي نستعرض قصص لخمس مُدن قامت بتغيير أسمائها، وتنكرت لأصولها التاريخية؛ سواء لتتواكب مع متطلبات عصرها أو لتنفض غبار الاستعمار عنها:
1-مومباي – Mumbai
الدولة: الهند
الاسم السابق: بومباي – Bombay
العاصمة المالية للهند، وهي المدينة الحالية الأكثر اكتظاظًا بالسكان بولاية ماهاراشترا بالهند، والمدينة الأكثر تنوعًا في هجاء اسمها على طول تاريخها، فقد شمل تنوع الاسم: مومباين، وبومباي، وبومباين، وبومباير، ومونبايم، ومومميم، ومومبايم، وبامباي، وبومبايم وبومباي، وبون باي، وكلها هجاء موثق.
كانت تسمى في العصور القديمة بـ «Kakamuchee – كاكوموتشي» و «Galajunkja – جالاجونجا». وفي العصور الوسطى كان يشار إليها باسم «Manbai – مانباي». ولا يزال هناك خلاف حول كيفية ظهور الاسم الحديث Bombay لها.
من ناحية، يُنظر لتسمية “بومباي” كنطق إنجليزي فاسد لـ Mumbai، وهو اسم مشتق من الإلهة الهندوسية «Mumbadevi – مومباديفي». ومن ناحية أخرى، قد يكون الاسم مأخوذ من bom baim، وهي عبارة برتغالية تعني «خليج صغير جيد»، فقد حكمت البرتغال المدينة من عام 1535 إلى عام 1661. وعندما استولى البريطانيون على المدينة عام 1661، وضعوا حدًا لكل التسميات المتنوعة، وقرروا أن يكون اسمها Bombay.
وحينما حصلت الهند على استقلالها من الإمبراطورية البريطانية عام 1947. حظيت فكرة الاسم الجديد الهندي الخالص للمدينة باهتمام بالغ على مر عدة سنين، وانتشرت حملة سياسية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم لهذه الغاية.
وحين فاز الحزب القومي الهندوسي بأغلبية المقاعد في مجلس الولاية في عام 1995، تم رسميًا اعتماد اسم Mumbai، والذي كان يستخدم عادةً في بعض اللغات المحلية.
الاسم الحالي مومباي جاء من «Mumba- مومبا»، وهي إلهة راعية تسمى «Mumbadevi – مومباديفي»، بينما حرف الـ «I» فهو الأم في اللغة الماراثية؛ ليكون بذلك الاسم الحالي، عودة إلى ماضي الهند، وتعزيز للهوية المحلية، وتكريم الإلهة الهندوسية مومباديفي، وينفض إلى حد ما تركة الاستعمار البريطاني.
2- جوانجو – Guangzhou
الدولة: الصين
الاسم السابق: كانتون – Canton
تأسست مدينة «Guangzhou – جوانجو» الصينية تحت اسم «Panyu – بانيو» في عام 214 قبل الميلاد. وبعد 400 عام، تم تسميتها كعاصمة لمقاطعة «Guang – جوانج»، وبدأ الناس في إطلاق تسمية Guangzhou عليها، والتي تعني حرفيًا «مقاطعة غوانج».
كانت البرتغال قد أسست احتكارًا تجاريًا في مقاطعة «Guangdong – جوانغدونج» خلال القرن الخامس عشر الميلادي، وبدأ استخدام اسم «Cantà – كانتون» كعملة لها، وأصبح هذا هو الكانتون. ومن غير المعروف كيفية ظهور اسم Canton، ولكن يُعتقد أنه خطأ صوتي أوروبي في نطق «Guangzhou – جوانغتشو» أو «Guangdong – جوانغدونج».
تم اعتماد اسم Guangzhou رسميًا في عام 1918. لذا لم يتم تسمية المدينة رسميًا باسم Canton على الإطلاق! ومع ذلك، استخدمه الغربيون على الخرائط وفي كتب الجغرافيا والسفر حتى أواخر القرن العشرين.
3- هو تشي مين – Ho Chi Minh
الدولة: فيتنام
الاسم السابق: سايجون – Saigon
من حيث عدد السكان، هذه هي أكبر مدينة في فيتنام، لكنها ليست العاصمة (كانت عاصمة فيتنام الجنوبية قبل توحيد البلاد). كانت المدينة تسمى «Saigon – سايجون» قبل الثاني من يوليو عام 1976 عندما تم تغيير اسمها رسميًا إلى اسمه الحالي. وفي البداية، كان الاسم الأصلي لقرية «Kmer» والتي أصبحت في نهاية المطاف «سايجون» هو «Prey Nokor».
كانت الإشارة الأولى إلى مصطلح Saigon في عام 1698، حيث استولى الفيتناميون على القرية من كمبوديا. ويُعتقد أن هذا المصطلح كان ترجمة فيتنامية لكلمات «Kmer Prei Kor»، والتي تعني غابة شجرة الكابوك أو مدينة الأشجار الكابوكية. فقد كانت المنطقة مستنقعًا، لكن موقعها المميز جعلها ميناءً استراتيجيًا.
وهي مستعمرة فرنسية، أصبحت سايجون فيما بعد عاصمة فيتنام الجنوبية. فقد نمت قرية الصيد الصغيرة هذه لتصبح مدينة حديثة تحت حكم الفرنسيين، الذين استولوا عليها في عام 1859 وسموها «سايجون». وأصبحت عاصمة فيتنام في عام 1949، وعندما انقسمت البلاد في عام 1954، وظلت عاصمة فيتنام الجنوبية. في ذلك الوقت تقريبًا، اندمجت مع قرية «Cholon» على الجانب الآخر من نهر سايجون.
بغض النظر عن تطورها، كان اسم «سايجون» رمزًا لعصر الاستعمار؛ لذلك عندما هزم الشمال الجنوب عام 1975، فقدت المدينة مكانتها كعاصمة. في العام التالي تم تغيير اسمها رسميًا، واطلق عليها اسم الزعيم الشيوعي المتوفي هو تشي مين.
ومع ذلك، فإن اسم «سايجون» لا يزال يستخدم على نطاق واسع، ولكن بشكل غير رسمي، حيث يشير الاسم بشكل رئيسي إلى الأجزاء الحضرية في المدينة.
4- سان بطرسبرج – St. Petersburg
الدولة: روسيا
الاسم السابق: St. Petersburg أيضًا!
الاسم الأصلي للمدينة الروسية الصغيرة، التي أصبحت «St. Petersburg – سانت بطرسبرج»، يعود لفترة تاريخية قديمة، فقد كانت مجرد قرية صغيرة قبل وصول القيصر بيتر الأكبر، والذي قام عام 1703 ضمن سعيه لجعل روسيا أكثر حداثة وبالتالي أكثر أوروبية، بتسميه القرية سان بطرسبرج (مدينة القديس بيتر)، ونقل الحكومة والعائلة المالكة إليها عام 1710.
وفي عام 1914، اندلعت الحرب العالمية الأولى، وباتت ألمانيا عدو روسيا فجأة. فتم تغيير اسم المدينة من «St. Petersburg» لتصبح «Petrograd – بتروجراد» لأن لاحقة “burg” في نهاية أسماء المدن ألمانية الأصل.
عقب بعد وفاة «Vladimir Lenin – فلاديمير لينين» عام 1924، تم تغيير اسم المدينة ليصبح «Leningrad – لينينجراد»، أي مدينة لينين؛ تكريمًا للزعيم السوفيتي. وفي عام 1991، أجرت روسيا أول انتخابات رئاسية عقب انهيار الحكومة السوفيتية. وتم الاستفتاء تغيير اسم المدينة مرة أخرى لتعود لاسمها التاريخي مرة أخرى.
5- اسطنبول – Istanbul
الدولة: تركيا
الاسم السابق: القسطنطينية – Constantinople
إسطنبول هي كلمة تعني «المدينة» وقد استخدمت بالعامية على مدى مئات السنين الماضية للإشارة إلى العاصمة البيزنطية ومن ثم العثمانية وهي المدينة الأكثر كثافة سكانية في تركيا والأكبر في أوروبا. بينما يقع المركز التاريخي والتجاري لهذه المدينة في أوروبا، يعيش حوالي ثلث سكانها في آسيا. إنها مدينة عابر للقارات، يوجد فيها مضيق البوسفور الذي يفصل بين آسيا وأوروبا.
وقد عُرفت عاصمة تركيا السابقة بالعديد من الأسماء، مثل: بيزنطة، والقسطنطينية. فقد تأسست المدينة في عام 667 قبل الميلاد، وسمها الإغريق «Byzantium – بيزنطة»، ثم تم ضم المدينة لاحقًا في الإمبراطورية الرومانية، حيث كان لها عدة أسماء.
لاحقاً جعلها الإمبراطور قسطنطين عاصمة له وللإمبراطورية الرومانية الشرقية (الإمبراطورية البيزنطية)، وسميت القسطنطينية باسمه، وفي 28 مارس 1930، غيرت مدينتا «القسطنطينية» و«أنجورا» التركية أسماؤهما إلى «إسطنبول» و«أنقرة» ضمن مسعى الحكومة التركية الجديدة حينها إلى قطع صلتها بالماضي وبالإمبراطورية العثمانية.
والآن، ماذا لو استيقظت يومًا لتجد أن مدينتك التي ولدت وعشت فيها قد تقرر فجأة تغيير اسمها التاريخي الذي تعرفه؟ ماذا سيكون رد فعلك؟ شاركنا رأيك في التعليقات.